تتحدث إلينا سفيرة روتانا للصحة واللياقة البدنية عن رحلتها الرياضية التي أعادت تعريف دور المغامرين العرب في مجال الرياضة، بينما تواصل شغفها في تسلق أصعب القمم وتحطم الأرقام القياسية للياقة البدنية وتتحدى الصعوبات
تُمثل نيللي عطار، وهي لبنانية الجنسية سعودية المولد والمنشأ، منارة للإلهام في عالم الرياضة الخطرة أو رياضة المغامرات. كانت نيللي، والتي تشغل منصب سفيرة روتانا للصحة واللياقة البدنية، أول رياضي عربي يتسلق جبل كي 2 إضافة إلى تسلقها لجبل إيفرست، وتحطيم الرقم القياسي المسجل لرفع الجسم لأعلى بأصبعين فقط. التقينا نيللي بعد عودتها من رحلتها إلى النيبال، حيث قامت بتسلق ثلاث قمم كجزء من حملة لتنظيف المنطقة، لتتحدث إلى روتانا لايف ستايل حول رؤيتها كرياضية.
وعلى الرغم من أنها بدأت حياتها المهنية كمعالجة نفسية، إلا أن مسارها المهني تطوّر ليشمل اللياقة البدنية ورياضة المغامرات. لكن ذلك لم يكن مجرد نزوة عابرة، بل كان تحولاً جذرياً ينبع من شغفها بالمغامرات والتحديات البدنية. وحول ذلك تقول: "تخصصت في العلاج النفسي لمساعدة الأخرين على تغيير حياتهم، ولكن ومع مرور الوقت اكتشفت نفسي في الرياضة أكثر".
وتابعت تقول: "كان التحول تدريجياً وبدأ من خلال تقديم دروس في اللياقة البدنية كعمل حر إضافي لمساعدة النساء في السعودية على زيادة نشاطهن. ثم انتقلت إلى إعطاء دروساً بدوام جزئي إلى جانب عملي كمعالجة نفسية. أتذكر اللحظة التي شعرت فيها أن عملي كمعالجة نفسية بدوام كامل كان يعيقني عن ممارسة شغفي، وأدركت أنه بإمكاني إحداث تأثير أكبر في حياة الأخرين من خلال الرياضة. كانت هذه اللحظة بمثابة نقطة تحول في حياتي المهنية، حيث أفتتحت بعدها استوديو تدريب في السعودية وودعت وظيفتي كمعالجة نفسية. ومن حينها وتركيزي منصبٌ على الرياضة بالكامل".
أثناء فترة التحول والانفتاح التي شهدتها المملكة العربية السعودية، افتتحت نيللي عام 2017 ستوديو MOVE أول استوديو اللياقة البدنية والرقص في المملكة. وُلد هذا المشروع من رحم ضرورة تيسير ممارسة الرياضة للسيدات في المنطقة. تقول نيللي: "لم تكن ممارسة الرياضة متاحة للنساء قبل عام 2018". كان تفانيها والتزامها بتسهيل ممارسة الرياضة للنساء واضحين من خلال رحلتها المهنية، بداية من التدريب في أماكن وعرة وحتى تأسيس أول استوديو لتعليم الرقص في المنطقة.
وأضافت نيللي تقولك "بدأت بتجديد مستودع والدي وتوفير حصص تدريب مجانية فيه، وفي غضون شهر كانت جميع المواعيد محجوزة بالكامل، عندها قررت تحويل هوايتي إلى عمل تجاري. كثفت جهودي في تحويل مبادرة التدريب المجاني إلى عمل واستعنت بمدربين آخرين، وقدمنا تدريبات للياقة البدنية والقليل من الرقص في البداية. جاء التطور بشكل طبيعي مدفوعاً بالتأثير العميق الذي أحدثناه وردود الأفعال من عضواتنا، فتحولنا إلى أول استوديو لتعليم الرقص في المملكة".
أضافت نيللي إنجازاً آخر إلى سجلها المتميز في يوليو 2022. كمتسلقة عاشقة للمرتفعات مثل تسلق جبل كليمنجارو وقمة ماترهورن، فإن من الطبيعي أن تكون إنجازاتها استثنائية كذلك. فبعد أن قامت عام 2019 بتسلق جبل إيفرست، أعلى قمة في العالم بارتفاع 8.849 متراً، تألقت كأول متسلق عربي يتسلق قمة جبل K2 في عام 2022. لم يكن هذا الإنجاز شخصياً فحسب، بل هو إنجاز يُخط في تاريخ رياضة المغامرات للمرأة العربية. وأشارت نيللي إلى نقطة مهمة وهي أنها ليست أول امرأة عربية تتسلق جبل K2 (كما تصفها وسائل الإعلام غالباً)، بل أول متسلق عربي يتسلقه على الاطلاق (بغض النظر عن الجنس). يُعد جبل K2 أحد أخطر الجبال في العالم، ويقل ارتفاعه عن جبل إيفرست بـ 200 متراً فقط.
شَكل تسلق جبل K2 تحدياً صعباً تطلب إعداداً دقيقاً، حيث قالت نيللي عن تسلق الأجزاء التي تسبق الوصول إلى القمة التي يبلغ ارتفاعها 8611 متراً: "تطلب الأمر الكثير من تدريبات المشي لمسافات طويلة والتسلق وتدريبات قوة ومقاومة لحماية مفاصلي، وحمامات جليدية لإعداد جهازي العصبي لتحمل البرودة والبقاء لفترة طويلة على قدميّ. أسبوع التدريب المثالي يتضمن 15 إلى 20 ساعة تدريب وأحياناً 30 ساعة، مع بعض الأسابيع التي يتراجع فيها معدل ساعات التدريب إلى 10 ساعات بغرض التعافي".
تستذكر نيللي رحلتها إلى هذا الإنجاز الفذ، وتقول: "عندما بدأت ممارسة المشي لمسافات طويلة لم أخطط أبداً لتسلق جبلي إيفرست وK2، فلقد بدأت الرحلة بحبي للهواء الطلق. ومارست المشي لمسافات طويلة في لبنان على نطاق واسع، وبخاصة بعد حصولي على درجة الماجستير وقبل أن أبدا العمل. كنت انتظر نهاية الأسبوع بفارغ الصبر كي أمشي لمسافات طويلة، وانضممت لمجموعات كبار السن لمجرد الانغماس في الطبيعة. وبمرور السنين تنامى شغفي وأصبحت أمضي جميع عطلاتي، بل وأخذت إجازات غير مدفوعة الأجر، لممارسة التسلق. بعدما أسست عملي الخاص، تمتعت بالحرية والمرونة لمتابعة شغفي، مما أوصلني لتسلق جبل إيفرست وبعده ببضع سنوات K2".
وبعيداً عن شغفها بالتسلق، تتعاون نيللي مع فنادق روتانا بصفتها سفيرة الصحة واللياقة البدنية، ليس فقط بسبب إعجابها بفنادقها، بل لتواصلها كذلك مع فريق العمل بالفنادق. حيث تقول: "أحب فريق عمل روتانا ومدى تفانيهم في الاستثمار في الصحة والعافية، ولطالما رغبت في التعاون مع روتانا، فإلى جانب تواجدها الإقليمي، يأتي تركيز المجموعة على العافية والاستدامة في صميم عملها".
وبينما كان الانضمام إلى روتانا مرحلة مهنية هامة في مسيرتها، إلا أن انتقالها إلى دبي في العام الماضي كان مثيراً بالقدر ذاته. وهي خطوة لطالما رغبت فيها. حيث علقت قائلة: "كنت أرغب دوماً في الانتقال للعيش في دبي، وظللت أتردد عليها ذهاباً وإياباً لمدة عامين لارتباطي العاطفي بالسعودية والتي كانت بيتي دائماً ولا زالت، ولكن بيتي الأساسي الآن في الإمارات. لذا كانت تلك الخطوة أحد أكبر إنجازاتي".
إنجازٌ آخر لنيللي جدير بالملاحظة وهو بدء مشروع استدامة طموح وطويل المدى يركز على تنظيف الجبال. وعلى الرغم من الصعوبات المتمثلة في قيود الميزانية وضخامة المهمة المطلوبة، إلا أنها نجحت في وضع المشروع على أول الطريق.
وأضافت نيللي أن تحطيم الرقم القياسي لتمارين القوة (رفع الجسم لأعلى بأصبعين) هو أحد أكبر إنجازاتها في 2023، وتقول: "بعد تمزق أربعة أربطة في كاحلي قيل لي أن التعافي سيستغرق عاماً كاملاً، لذا بدأت في التدريب على السحب لأعلى بالأصابع وكنت أعاني كثيراً، لذا صممت على تحطيم الرقم القياسي العالمي لأحفز نفسي على مواصلة التدريب".
لا تقتصر رحلة نيللي على الإنجازات الشخصية فحسب، فهناك حملتها لتنظيف الجبل في نيبال التي تعكس التزامها بالاستدامة البيئية ورغبتها في إحداث تأثير. لذا تتمحور تطلعاتها في 2024 حول إطلاق مبادرات مؤثرة والتعاون مع العلامات التجارية والمؤسسات التي تتوافق مع قيمها.
في الختام تنصحنا نيللي بشكل مباشر قائلة: "تحركوا أكثر. بكل سهولة وبساطة وبدون أي تعقيدات، فلا حاجة للذهاب لصالة الألعاب الرياضية أو الركض كي تتدرب. خلقنا الله بجسد مصمم للحركة، لذا أبسط الأشياء مثل المشي على الشاطئ أو اللعب مع أطفالك أو إعادة ترتيب المنزل، يمكنه ضخ الدم في عروقك. الأمر بهذه البساطة".
Comments