بدأت ملامح مدينة "نيوم" العصرية تتشكل في موقعها الفريد على ساحل شمال غرب المملكة العربية السعودية، وهي المدينة التي تحتضن أحدث التقنيات الذكية وأساليب الطاقة النظيفة في العالم، لتمثل نقلة كبيرة في بناء المدن وعبوراً إلى الحياة في المستقبل
تعكس هذه المدينة العصرية، التي يتم إنشاؤها على طول ساحل البحر الأحمر البِكر بالمملكة، رؤية ثاقبة وجديدة لمستقبل الإنسان، وتعد أحد أكبر المشاريع التي تنتظر المملكة اكتمالها بشوق وحماس، حيث ستؤسس لأنماط جديدة للحياة المستدامة والتطور التكنولوجي. كما ستصبح موقعاً حياً نابضاً بالتجارب المستحدثة المبتكرة وأساليب الحياة العصرية التي ستعبر بها إلى المستقبل. ومن المتوقع أن تخصص الحكومة السعودية نحو 550 مليار دولار لإنشاء هذه المدينة الذكية الواعدة التي ستستعين بالذكاء الاصطناعي في كل مناحي الحياة، لتصبح عنواناً حقيقياً لمدن المستقبل. وسيراعى في تصميمها أن تتأقلم بأمان وسهولة مع البيئة الطبيعية حتى تكون خالية من الانبعاثات الكربونية تماماً.
حكاية مشروع "نيوم"
مدينة "نيوم" الذكية التي تُبنى في الصحراء هي رؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي أراد أن يبني مدينة عصرية تستشرف آفاق المستقبل. واشتق اسم المدينة من كلمتين الأولى كلمة (نيوز – neos) اليونانية التي تعني جديد، والثانية كلمة مستقبل باللغة العربية التي يعبر عنها حرف م أو m.
هذه المدينة المستقبلية الضخمة سوف تعادل مساحتها 33 مرة ضِعف مدينة نيويورك، وستوفر نمط حياة تهيمن عليه أحدث التكنولوجيات والأنشطة التي لم تتوفر بعد في أي مكان بالعالم.وبصفته أحد أكبر المشروعات الطموحة في العالم، يتم الترويج له كشكل جديد للحياة المستدامة وبيئة العمل والرفاهية والازدهار.
أبرز تفاصيل المشروع
تم اختيار الموقع الاستثنائي لمدينة "نيوم" في شمال غرب المملكة بحيث تكون قريبة من مدن العالم الكبرى بما لا يزيد عن 8 ساعات طيران. وسوف تزود المدينة بالكامل بالطاقة النظيفة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، كما ستعتمد نظاماً بيئياً خالياً من الكربون لا يسمح باستخدام السيارات، التي ستُستبدل بالقطار فائق السرعة (القطار الطلقة) أو الهايبر لووب (قطارات تسير داخل أنابيب فوق الأرض أو عبر أنفاق تحتها) أوالدراجات لتكون وسائل النقل الأساسية بالمدينة، وسوف توفر بيئة رقمية تتيح خدمة واي فاي مجانية للسكان.
ويضم مشروع "نيوم" عدة قطاعات منها 3 قطاعات تم تقديمها مؤخراً هي: "تروجينا" و "أوكساجون" و"ذا لاين"، ومن المقرر أن تعلن الحكومة عن المرحلة الأولى بحلول 2025.
يمثل مشروع "تروجينا" جزءاً من مخطط "نيوم" الضخم، وسيكون وجهة للسياحة والترفيه على مدار العام تتعانق فيها الجبال الشاهقة مع مناظر الطبيعة الخلابة وتستهدف جذب السياح والمقيمين. وتتراوح ارتفاعات الجبال في المنطقة بين 1500 – 2600 متراً فوق سطح البحر تغطي مساحة 60 كيلومتر مربع، ويتكون المشروع من 6 أحياء متطورة متميزة توفر لروادها خبرات وتجارب حية يمتزج فيها الواقع الحياتي بالابتكارات الهندسية والمعمارية الافتراضية.
هذه التجارب صُمِمت لتناسب المواسم المختلفة مثل الموسم الذي يبدأ من سبتمبر إلى نوفمبر ويركز على العناية بالصحة واللياقة وممارسة تمرينات اليوجا، وموسم المغامرة الذي يتيح للسياح والمقيمين الاستمتاع بتسلق الجبال أو ركوب الدراجات عبرها ويبدأ من مارس إلى مايو. أما الموسم الثالث فيبدأ من ديسمبر إلى مارس ويتم فيه ممارسة رياضات التزحلق على الجليد والتزلج بالألواح على الثلج، بينما ينظم الموسم الرابع الفعاليات الثقافية والمهرجانات الموسيقية ومهرجانات الطهي ويبدأ من مايو إلى سبتمبر.
أما "أوكساجون" فتعتبر مدينة صناعية متطورة داخل المدينة تقدم أحدث ما توصلت إليه الثورة الصناعية الرابعة والاقتصاد الدائري (نظام اقتصادي يهدف إلى القضاء على الهدر والاستخدام المستمر والأمثل للموارد) لإنشاء مصانع المستقبل وتصنيع منتجاته. وسوف يكون المكان الأمثل للمبتكرين ورواد الأعمال، كما سيعمل كميناء آلي بالكامل (مؤتمت) من الجيل القادم، بحيث يوفر تواصل وارتباط لا نظير لهما مع الأسواق العالمية.
وأخيراً، تأتي مدينة "ذا لاين" لتصبح نموذجاً مثالياً لمدينة المستقبل التي ستوفر تجربة حياة استثنائية تحيط أرجائها الطبيعة الخلابة، حيث ستصبح 95% منها مساحات خضراء، ولن توجد فيها طرق أو شوارع أو سيارات أو انبعاثات ملوِثة للبيئة، وسوف تزود المدينة بالطاقة المتجددة بنسبة 100%. هذه المدينة التي يبلغ طولها 170 كيلو متراً وترتفع 500 متراً فوق سطح البحر بينما لا يتجاوز عرضها 200 متراً، ستتسع لنحو 9 ملايين نسمة سيقيمون على مساحة 34 كيلومتراً مربعاً منها فقط. وسيتسنى للسكان الوصول إلى أي مكان خلال 5 دقائق سيراً على الأقدام أو باستخدام شبكة المواصلات العامة المتطورة التي ستوصلك من مكان إلى آخر خلال 20 دقيقة فقط.
Comments