تحولت جورجيا من وجهة للرحالة العابرين إلى وجهة سياحية رائجة بفضل سحرها الخاص الذي ستستمتعون باستكشافه خلال زيارة تستغرق يومين
عند ذكر جورجيا في العشر سنوات الماضية فإن أول ما يتبادر للأذهان جغرافياً ولاية جورجيا في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية كوجهة مشابهة بالاسم، ولكن مؤخراً اشتهرت دولة جورجيا في منطقة جنوب القوقاز وبزغ نجمها بفضل طبيعتها الساحرة وتراثها الثقافي الغني، مما جعلها مقصداً للكثير من المسافرين. تهيمن المناظر الجبلية الخلابة والوديان الخضراء والبحيرات الجليدية الرائعة على المشهد السياحي في جورجيا، كما أنها تضم العديد من المعالم التاريخية مثل الكنائس والأديرة والمستوطنات القديمة والكهوف ومزارع الكروم في كل زاوية من زواياها.
على الرغم من أن جورجيا تعد جديدة نسبياً على المشهد السياحي العالمي في أوروبا وآسيا، إلا أنها تقدم تجربة فريدة بجمالها ومتعددة الأنشطة. سواء كنت تبحث عن مغامرات في الهواء الطلق أو ترغب في تذوق أطعمة تقليدية شهية أو تستهويك الثقافية المحلية، فستجد الكثير مما يمكن استكشافه في جورجيا. ورغم أن الفترة الزمنية المخصصة لهذه الزيارة لا تتعدى 48 ساعة، إلا أننا سنقدم لك خطة ليومين لتستمتع بأقصى استفادة من رحلتك.
اليوم الأول
بفضل رحلات الطيران المباشرة وغير المباشرة وتسهيل إجراءات الحصول على التأشيرة أو إلغائها، أصبح الوصول إلى العاصمة الجورجية تبليسي أسهل من أي وقت مضى. لذا، فإنه ليس من المستغرب أن يتوجه المسافرون إلى تبليسي لقضاء إجازة قصيرة. تتميز هذه العاصمة بتنوعها الكبير، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بكل ما تقدمه، بدءاً من الفوضى وصولاً إلى الجمال الساحر، ويُعد التجول في شوارعها المرصوفة بالأحجار الكبيرة من أفضل الطرق هذا التنوع والاستمتاع بجاذبيتها.
ابدأ رحلتك من المدينة القديمة التي تكشف عن تاريخ جورجيا المتنوع ثقافيًا في كل منعطف فيها، حيث تنتشر أماكن العبادة والمباني الجميلة المرممة بين تضاريسها الطبيعية. تطلُ قلعة ناريكالا الأثرية على قلب المدينة كحارس مخلص، حيث يمكنك اختيار ركوب التلفريك للصعود إلى القمة للاستمتاع بمشهد بانورامي للمدينة بأكملها وتأمل أسطح المباني القرميدية الحمراء والتلال الصغيرة ونهر متكفاري (كورا) وجسر السلام، أو يمكنك الاكتفاء بمسيرة قصيرة لمدة 15 دقيقة إلى منصة المراقبة مروراً بالأزقة الضيقة المزدحمة بالأكشاك التي تبيع مختلف السلع المحلية.
يُعد مَعلم أم الجورجيين أو كارتفليس دادا فخر المدينة وهو تمثال يصل ارتفاعه إلى 23 متراً يجسر امرأة ترتدي الملابس الجورجية التقليدية وتحمل سيفاً في يدها لدرء الأعداء، ووعاءً من المرطبات في يدها الأخرى للترحيب بالأصدقاء.
في رحلة العودة توقف عند حمامات الكبريت الشهيرة في تبليسي والمعروفة محلياً باسم أبانوتوباني. يتميز هذا المكان بمياهه العذبة الناتجة من ينابيع كبريتية طبيعية، ويُقدم مجموعة متنوعة من الخدمات بدءًا من الحمامات العامة وصولاً إلى تجارب السبا الفاخرة. وبالقرب منه، ستجد حديقة النباتات الوطنية والمتحف الوطني الجورجي وكاتدرائية هولي ترينتي (الثالوث المقدس)، والتي تُعتبر واحدة من أشهر معالم تبليسي.
في فترة ما بعد الظهر انطلق من العاصمة باتجاه منطقة متسخيتا المجاورة، حيث ستتاح لك فرصة زيارة دير جفاري المسجل في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي. يُعتبر هذا الدير مثالًا نادرًا للهندسة المعمارية للكنيسة الجورجية في العصور الوسطى الباكرة، حيث احتفظ بطرازه المعماري دون تغيير تقريباً منذ القرن السادس الميلادي. يقع الدير على قمة جبل صخري على ارتفاع أكثر من 600 متر، ويطلُ على ملتقى نهري متكفاري وأراجفي، مما يجعله موقعاً رائعاً للاستمتاع بمشهد غروب الشمس المذهل.
اليوم الثاني
توفر رحلات اليوم الواحد من تبليسي فرصة استكشاف ما تقدمه جورجيا من مناطق ريفية خلابة. وتُعد كازبيجي (المعروفة الآن باسم ستيبانسميندا) وجهة مفضلة لدى المسافرين، حيث تقدم المدينة إحدى أروع المناظر الطبيعية في البلاد - جبل كازبك - وعلى طول الطريق هناك الكثير لاكتشافه.
انطلاقاً من تبلسي، ستكون محطتك الأولى حصن أنانوري الشهير المطل على سد زينفالي. أصبح الحصن رمز فخر لجورجيا بفضل أهميته التاريخية والثقافية، حيث يعود تاريخ هذا الحصن الذي شهد العديد من المعارك على مرّ السنين، للقرن الثالث عشر الميلادي.
يوجد كنيستان داخل الحصن تعودان إلى القرن السابع عشر الميلادي، حيث تتميز الكنيسة الأكبر بجدرانها الخارجية المزخرفة بمنحوتات حجرية دقيقة وتحمل كتابات قديمة تعود لتاريخ المنطقة، بالإضافة إلى بعض اللوحات الجدارية الزاهية. وللاستمتاع بإطلالات شاملة على الموقع بأكمله يمكنك الصعود إلى أعلى أبراج الحصن والسير على طول الأسوار القديمة.
على طول الطريق العسكري الجورجي المؤدي إلى ستيبانسميندا تجد بانوراما جودوري (معروفة كذلك باسم نصب الصداقة التذكاري بين روسيا وجورجيا). بُني هذا الهيكل الدائري احتفالاً بتوقيع بالذكرى المئوية لمعاهدة جورجييفسك بين البلدين، ويتميز بجدارية دائرية تصور مشاهد من تاريخ جورجيا وروسيا. من هذا الموقع، يمكن للمسافرين رؤية وديان قرية جودوري الخضراء خلال فصل الصيف، والت تتحول خلال الأشهر الباردة إلى وجهة لمحبي التزلج تغطيها الثلوج الكثيفة التلال.
تأخذك المحطة النهائية لهذه الرحلة القصيرة إلى بلدة كازبيجي، حيث تهيمن جبال القوقاز الكبرى بسحرها على القرية بأكملها، ويمكنك رؤية قمة جبل كازبيجي المغطاة بالثلوج (ثالث أعلى قمة جبلية في جورجيا بارتفاع 5,033 متر) أينما ذهبت. وعلى الرغم من أن ممارسة رياضة المشي في سلسلة الجبال مخصصة للمتسلقين المحترفين، إلا أن المسار المرتفع إلى جيرجيتي سهل نسبيًا ويمكن اجتيازه أيضًا بواسطة الخيول أو السيارة.
إن كان انطلاقك من باتومي ..
تقع باتومي على الساحل الجنوبي الغربي لجورجيا المطل على البحر الأسود وتحظى بشعبية كبيرة بين المسافرين. تقع المدينة على بعد ست ساعات براً من العاصمة تبليسي، وإن كان لديك المزيد من الوقت لتمضيه في جورجيا لا تفوت زيارة المدينة. أما إذا كانت هي مقر إقامتك المؤقت في جورجيا، فهناك العديد من النشاطات التي يمكنك القيام بها، مثل التمتع بنزهة على طول الكورنيش النابض بالحياة (حيث ستجد تمثال علي ونينو الشهير)، وزيارة ساحة باتومي بيازا لتغمر نفسك في طاقة المدينة، والاستمتاع بجمال الطبيعة وساحلها النقي في حديقة باتومي النباتية.
وتحظى رحلات اليوم الواحد إلى كوتايسي انطلاقاً من باتومي بشعبية كبيرة بين عشاق الطبيعة، حيث يمكنك الوصول بسهولة إلى أخدوديّ أوكاتسي ومارتفيلي المذهلين، واللذين يقدمان إطلالات رائعة على الوديان وتنتشر بهما الشلالات وكهف برومثيوس.
