top of page

بناء المستقبل

بدءاً من الخطط الطموحة التي تنفذها الإمارات العربية المتحدة والهادفة لجعلها أفضل دولة في العالم بحلول عام 2071، وحتى المشاريع الضخمة التي تُعيد تشكيل معالم المملكة العربية السعودية، تشهد منطقة الشرق الأوسط تطورات متسارعة بما يسهم في صناعة مستقبل أكثر إشراقاً للأجيال المقبلة


- ناصر النويس - رئيس مجلس إدارة روتانا

تُثار التساؤلات بين الحين والآخر حول الشكل الذي سيبدو عليه العالم بعد خمس أو عشر أو عشرين سنة أو حتى الخمسين سنة المقبلة؟ وربما كان من الصعب الإجابة على مثل هذا السؤال في السابق، لكن الأمر تغير في أيامنا هذه، إذ لم يُعد من الصعب تخيل شكل المستقبل الذي كان مجرد مفهوم ينحصر في خيالنا الفردي. يعمل مدراء التخطيط والتطوير الحضري في جميع أنحاء العالم اليوم دون كلل أو ملل على تصميم مدن مستقبلية تهدف لاستيعاب احتياجات البشرية المتغيرة وتحقيق التوازن بين هذه الاحتياجات والتحديات البيئية التي نشهدها اليوم.


ففي منطقة الشرق الأوسط، تواصل كل من دبي وأبوظبي والدوحة تحديث خططها الرامية لوضع معايير جديدة تمهد الطريق نحو التنمية المستدامة، بينما تعمل المملكة العربية السعودية علي بناء مدن جديدة تنبثق من قلب الصحراء. وأينما نظرت، ستجد رسائل تؤكد على أهمية بناء مستقبل أفضل وأكثر إشراقاً للأجيال المقبلة من خلال مشاريع جديدة ملهمة لفتت أنظار العالم.


خارطة طريق للمستقبل

تقف الإمارات العربية المتحدة في طليعة هذه التغيرات المستقبلية من خلال رؤيتها التي تركز على بناء مستقبل أفضل. وما متحف المستقبل الذي تم افتتاحه مؤخراً إلا أحد الأمثلة الرائعة على ذلك. يتعدى دور هذا المعلم المذهل، دور المتحف التقليدي، حيث يقدم معروضات تشجع الزائرين على القيام بدورهم من أجل الكوكب والإنسانية، ليكون بمثابة قاعدة مثالية لدراسة المستقبل. وتحقيقاً لهذه الغاية، يستضيف المتحف خبراء عالميين يعرضون اكتشافاتهم في مجالات المعرفة والعلوم بدءاً من التقنيات المستقبلية وحتى المدن الذكية. وبذلك، يهدف المتحف إلى أن يصبح منصة لرصد الاتجاهات المستقبلية ومركزاً للأبحاث يمكننا من خلاله بناء غد أفضل.


تتوافق رؤية المتحف مع استراتيجية مئوية الإمارات 2071، التي ترسم خطة للعقود الخمسة المقبلة تهدف لجعل الإمارات العربية المتحدة أفضل دولة في العالم. وقد بدأ بالفعل العمل على تشكيل مستقبل الأمة، من خلال خطة مرسومة بشكل مثالي تحدد مجالات النمو التي ستشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة حتى عام 2071 وما بعده.


وبداية من مدينة إكسبو دبي، المدينة الذكية التي شهدت تحويل موقع إكسبو دبي 2020 إلى مدينة مستقبلية خضراء مزودة بأحدث التقنيات، فإن خارطة الطريق المفصلة تركز إلى تحقيق الاستدامة والإنجاز في مختلف المجالات الحيوية بما في ذلك الصحة العامة والتعليم والبنية التحتية والسياحة والعلوم والبيئة، وبما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.


على سبيل المثال لا الحصر، تهدف بعثة الإماراتية القمرية إلى تطوير وإرسال مركبة فضائية إماراتية بالكامل إلى القمر بحلول عام 2024، بينما سيشهد عام 2028 إطلاق الإمارات لمهمتها بين الكواكب وبهدف أساسي هو استكشاف حزام الكويكبات بين كوكبي المريخ والمشتري. وسيبقى استكشاف الفضاء محور التركيز الأساسي للبلاد حتى عام 2117، حيث تهدف الإمارات العربية المتحدة إلى إنشاء أول مستوطنة بشرية على المريخ في العقد الأول من القرن الثاني والعشرين.


استثمرت الدولة كذلك مواردها في تطوير استراتيجية التصنيع المستدام، والتنقل الذكي ذاتي القيادة، ومكافحة ندرة المياه، وتطبيق المزيد من عمليات إدماج الذكاء الاصطناعي في كافة الخدمات، وتشجيع الابتكار في مجال إدارة النفايات، والتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة وغير ذلك الكثير. يأتي كل ذلك للحفاظ على تراثنا الطبيعي وتعزيزه، مما يساهم في تحسين نوعية الحياة لجميع الكائنات التي تعيش على هذا الكوكب.


خططٌ طموحة

تبنت المملكة العربية السعودية خلال السنوات الماضية مجموعة من الخطط المستقبلية الطموحة. ومع إطلاقها للعديد من المشاريع الضخمة التي سترى النور في غضون العقد المقبل، فما من شك بأن المشهد المستقبلي في المملكة يشهد تغيرات متسارعة.


على الساحل الشمالي الغربي للبلاد، يتشكل مشروع يُعد أحد أكثر المشاريع السياحية المتجددة طموحاً في العالم وهو مشروع البحر الأحمر. يضم المشروع أرخبيلاً يحتوي على أكثر من 90 جزيرة بكر، وسيوفر للزوار مجموعة من التجارب الفاخرة في قلب المناظر الطبيعية.


وإلى الشمال، تعمل المملكة على تطوير منطقة تبوك لإطلاق مشروع أمالا السياحي، الوجهة الجديدة التي ستغير مشهد الضيافة في البلاد. وكل هذه المشاريع ما هي إلا البداية، إذ يجري العمل حالياً على تطوير عدد من المشاريع الضخمة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك عسير في منطقة أبها الجبلية الجنوبية بالمملكة العربية السعودية، وكذلك القدية التي ستضم حدائق ومتنزهات ترفيهية حديثة.


وفي الصدارة، تبرز نيوم، المدينة الذكية بكلفة 500 مليار دولار أمريكي والتي تعبر عن رؤية فريدة لمستقبل البشرية. وربما يكون أكثر ما يميز هذا المشروع عن غيره من المدن الذكية الأخرى هو تركيزه على التقنيات المستقبلية، فقد خصصت نيوم العديد من المناطق ضمن المشروع لقطاعات مستقبلية متخصصة بما في ذلك الغذاء والتصنيع والتكنولوجيا والحياة المستدامة.

كما أعلنت المملكة مؤخراً عن مشروع رئيسي آخر أطلق عليه اسم "ذا لاين" وهو عبارة عن مدينة حضرية مستقبلية تقدم تجربة فريدة في العيش المستدام بالتناغم مع الطبيعة. وما من شك، بأن هذه المدن هي ما نحتاجه إليه في يومنا هذا، لأنه لا يمكن تشكيل وبناء المستقبل دون الحفاظ على بيئتنا الطبيعية.


ومع سعي المملكة لتنويع اقتصادها من خلال فتح آفاق جديدة تمهيداً لمرحلة ما بعد النفط، يعد تطوير البنية التحتية السياحية في جميع أنحاء البلاد أحد الركائز الأساسية لهذه الاستراتيجية. وتحقيقاً لهذه الغاية، تُولي المملكة اهتماماً مماثلاً بماضيها الغني بالمعالم التاريخية البارزة، حيث وضعت الخطط لمواصلة تطوير هذه المعالم الهامة بما يساهم في تعزيز المشهد السياحي مستقبلاً.


ومن المقرر أن تكشف بوابة الدرعية، مسقط رأس الدولة السعودية الواقعة في شمال غرب الرياض، قريباً عن موقع عريق بين أحيائها سيتم ضمه لقائمة اليونسكو للتراث العالمي. في الوقت الذي تواصل فيه واحة الأحساء، الي يبلغ عمرها 6000 عام والمدرجة كذلك في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، الترحيب بالزوار. ويعد موقع الفنون الصخرية في منطقة حائل بالمملكة العربية السعودية، من المواقع الأثرية الهامة الأخرى، حيث ترك أسلاف المنطقة آثاراً لحضاراتهم من خلال العديد من النقوش والرسومات الصخرية.

bottom of page