top of page

نحو الخمسين عاماً القادمة

قبل 50 عاماً، وضع فريق الآباء المؤسسين لدولة الإمارات العربية المتحدة الأسس الرئيسية التي أصبحت فيما بعد النواة التي شكلت حياتنا كما نشهدها اليوم. والآن، لدينا جميعاً الفرصة لتمهيد الطريق نحو المزيد من النجاحات خلال الخمسين عاماً القادمة، وما بعدها، وتشجيع أجيالنا المستقبلية على النمو والازدهار.


- ناصر النويس، رئيس مجلس إدارة شركة روتانا

قبل أكثر من 50 عاماً، كانت الإمارات العربية المتحدة عبارة عن قرية صغيرة وموطناً للبدو يكتسبون رزقهم من صيد الأسماك والغوص بحثاً عن اللؤلؤ وسط ظروف قاسية في الصحراء التي لا ترحم. لم يكونوا على دراية آنذاك بأن قريتهم ستتحول مع الوقت لتصبح واحدة من أهم وأبرز الدول وقوة لا يستهان بها في الساحة العالمية – وكل ذلك في غضون خمسة عقود فقط.


كان التحول ملحوظاً وسريعاً بشكل لا يصدق، ويمكن إرجاع الفضل في كل ذلك لليوم التاريخي الذي يصادف في الثاني من ديسمبر 1971، عندما اجتمع قادة الأمة لتشكيل دولة الإمارات العربية المتحدة كما نشهدها اليوم. لكن نواة هذه الأمة العظيمة كانت قد زرعت حتى قبل هذا التاريخ.


ففي عام 1966، تولى المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مقاليد الحكم في أبوظبي ليباشر من بعدها تنفيذ رؤيته الثاقبة في بناء الأمة، حيث كان يؤمن بأن الأموال الناجمة عن الاكتشافات النفطية الأخيرة في الإمارة ما هي إلا فرصة لتحقيق المزيد من التطور والنماء. لذلك، فقد خصص مبالغ كبيرة لبناء المدارس وخدمات الرعاية الصحية والمطار والميناء البحري والإسكان والطرق والجسر الذي يربط جزيرة أبوظبي بالبر الرئيسي.

من أقوال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه: "إن الثروة الحقيقية هي العمل الجاد المخلص الذي يفيد الإنسان ومجتمعه، وأن العمل هو الخالد والباقي وهو الأساس في قيمة الإنسان والدولة"

وكانت هذه هي الفلسفة التي حلقت بالبلاد إلى آفاق الريادة على مدار الخمسين عاماً الماضية، وستبقى هي المبدأ الأساسي الذي يدفع نحو المزيد من النمو والرخاء خلال الخمسين عاماً القادمة.


لقد شكل الثاني من ديسمبر 2021 لحظة تاريخية فاصلة في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث توجهت أعين العالم على أمتنا عندما اجتمع حكام وأولياء العهد الإمارات السبع في حتا للاحتفال رسمياً باليوم الوطني الخمسين للدولة وتدشين مراسم اليوبيل الذهبي. لقد كان احتفالاً رائعاً، أقيم على مسرح عائم وسط سد حتا ليحكي قصة ولادة أمتنا وكيف تشكلت الصحراء القاحلة لتصبح واحة خضراء غنية بأشجار النخيل والطبيعة الخلابة المزدهرة في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة؛ وتحولت منازل برج الرياح المتواضع والحصون القديمة إلى ناطحات سحاب هي الأكثر شهرة في العالم.

وفي الوقت الذي احتفلت فيه الدولة بهذا الفصل الناجح من تاريخها وحاضرها، سلط العرض على مشروع "تصميم الخمسين عاما القادمة لدولة الإمارات" والذي يهدف إلى رسم القواعد والأسس للعقود الخمسين المقبلة.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، أطلقت الإمارات العربية المتحدة بنجاح مهمتها إلى المريخ، وأنشئت محطة للطاقة النووية بهدف تقليل انبعاثات الكربون، وفتحت أبواب أول إكسبو عالمي يقام في منطقة الشرق الأوسط وغير ذلك الكثير. وما تحقيق هذه الإنجازات العظيمة في مثل هذه الفترة الزمنية القصيرة إلا مؤشر على أن القادم أفضل، في الوقت الذي نواصل مسيرة النمو معاً نحو مئوية الإمارات العربية المتحدة عام 2071.

عندما تم الإعلان عن بداية هذه الرحلة الجديدة، شارك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رؤيته لجعل دولة الإمارات العربية المتحدة أفضل دولة في العالم بحلول عام 2071. واجتمع حكام الدولة كذلك لتسليط الضوء على تطلعاتهم لدولة الإمارات العربية المتحدة والمتمثلة في توفير أفضل مستويات التعليم في العالم، وأفضل اقتصاد، وأسعد مجتمع بقيادة أفضل حكومة بحلول عام 2071، وهي الطموحات التي شكلت الركائز الأربع لخطة الإمارات المئوية 2071. وتستمد هذه الركائز قوتها من هدف الدولة المتمثل في الاستمرار في تنويع اقتصادها من خلال الاعتماد بشكل أقل على النفط والاستثمار في مجالات أخرى لخلق عالم أفضل للأجيال القادمة.

لقد وضعت حكومتنا التي تركز على المستقبل استراتيجيات واضحة لضمان تحقيق هذه الرؤية من بينها إطلاق 50 مشروعاً وطنياً، والتي من المقرر أن تستهل حقبة جديدة من النمو في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال إحداث تغيير كبير في مجالات الزراعة والفن والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية وريادة الأعمال والبيئة والتعليم والاستثمار الأجنبي والرعاية الصحية والابتكار والعلوم واستكشاف الفضاء وغيرها الكثير. إنه بالتأكيد فجر جديد للأمة!

وما من شكل بأن هذه الجهود مجتمعة ستساهم في ترسيخ مكانة دولتنا على الصعيد العالمي لنواصل الريادة من خلال تقديم نموذج متميز يحتذى به. وعلينا ألا ننسى الهدف الأسمى والمتمثل في تحسين نوعية الحياة للمواطنين والمقيمين. وكل ذلك ما هو إلا دلالة على أمة عظيمة تضع مصلحة شعبها فوق كل اعتبار؛ فهم الدعامة الرئيسية التي ستساهم في تنمية البلاد وتعزير تقدمها نحو الأمام.


لذلك، تم اختيار السعادة كإحدى الركائز الأساسية في خطة مئوية الإمارات 2071. من خلال مبادئ هذه الركيزة، ستوفر الدولة لشباب اليوم - قادة الغد - جميع الأدوات اللازمة ليكونوا سفراء سعداء لدولة الإمارات العربية المتحدة، إلى جانب تشجيعهم على اعتناق القيم المتجذرة في نسيج الثقافة الإماراتية.


ومن خلال تقديم نظام مبتكر لضمان تلبية احتياجات الناس، أطلقت الحكومة منصة رقمية لاستقبال أفكار واقتراحات أفراد المجتمع لتصميم وصياغة العقود الخمسة القادمة لدولة الإمارات العربية المتحدة في قطاعات حيوية متعددة. ومن خلال منح الأفراد منصة للتعبير عن آرائهم، تضمن هذه الخطوة الذكية مساهمة جميع شرائح المجتمع بآرائهم المتنوعة في بناء دولة الإمارات المستقبلية. إن هذا التعاون بين الجمهور وقادته هو الذي سيحافظ على دوران عجلة النمو، ويؤكد على أهمية مشاركة الجميع في تشكيل المستقبل.


مرة أخرى وضعت لجنة الاحتفال باليوبيل الذهبي لدولة الإمارات العربية المتحدة الشعب في دائرة الضوء، معلنة عن مبادرة جديدة بعنوان "خطوة أولى"، وهي دعوة لكل من يعتبر الإمارات العربية المتحدة وطناً له لكتابة رؤيته الشخصية للسنوات الخمسين القادمة والخطوات الأولى التي سيتخذونها نحو تحقيق حلمهم.


في حين أن الأمر قد يبدو بسيطاً للوهلة الأولى، إلا أنه يتجاوز إيماءة وضع القلم على الورقة للتعبير عن وجهات نظر معينة. ففي الواقع، إنه يكرر الرسالة التي مفادها أن مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة والمقيمين فيها سيتولون زمام الأمور ويساعدون في بناء هذا البلد العظيم. وبمشاركتهم لخططهم المستقبلية، فإنهم يبثون الحياة في رؤيتنا المشتركة لدولة الإمارات العربية المتحدة اليوم وغداً والخمسين عاماً القادمة.

bottom of page